معطف من قيود
الجزء 15 [ب[
مصر ...ماأحلى الرجوع اليكِ
كانت الأمور تسير على ما يرام ..فقد استطاعت أن تبدأ من جديد..
وتحاول أن تجمع شتات امرها
فما دامت الوحدةأصبحت قرينها ..فلتأخذ من الوحدة انيساً..لتروضها..
لتجعل أيامها مليئة بالأحداث
لتجعل أيامها مليئة بالأحداث
لتجعل من انتظارها لأولادها كل أسبوع هدفاً من أهداف سعادتها ..
تسعد بهم ومعهم ..
تسعد بهم ومعهم ..
وكان في داخلها حزنٌ يساورها من حينٍ لآخر ..
لا ..لم تكن ابداً من هؤلاء الذين يحملون هم الغد ..
فالغد بيد الله سبحانه وتعالى..
فالغد بيد الله سبحانه وتعالى..
يسيره كيفما شاء ..
ولكن كان هذا الحزن يطاردها حين تتذكر أختها الكبرى..
التي كانت بالنسبة لها أمها أيضاً
التي كانت بالنسبة لها أمها أيضاً
فلم يكن جرس الهاتف يكف عن الرنين في منزلها أو منزل أختها ..
كل أخبارها هناك ..وكل أخبار أختها هنا ..
كانت أيام ...تذكرتها ..ثم أطلقت آهة من حنينٍ وأنينٍ مكتوم ...
أين أختها الآن ؟؟..ومن كان يتخيل في يومٍ من الأيام
أن تقيم أختها هذه في أميركا؟؟؟
أن تقيم أختها هذه في أميركا؟؟؟
نعم أميركا ..
بدأت القصة عندماسافر إبن أختها -المهندس-
للعمل في أميركا
للعمل في أميركا
وكان وقتها قد تزوج فاصطحب زوجته معه ..
وظل الأب والأم هنا بمفردهما ..
فابنتهما هي الأخرى تقيم مع زوجها في إحدي دول الخليج ..
ومرت بهما السنين ..هما يكبران ..وأولادهما كلٍ في طريق ..
كانت لديهما القدرة ...في وقتٍ من الأوقات ..
على أن يجمعا شمل العائلة كلها
على أن يجمعا شمل العائلة كلها
في بيتهما الريفي الجميل في النوبارية ..
حيث كان الجميع تتملكه حالة من النشوة والبهجة
التي تجدد نشاطهم وحيويتهم
التي تجدد نشاطهم وحيويتهم
حتى اللقاء المرتقب التالي ..
وكان الجميع من الشباب والشابات في العائلة
ينتظرون هذا اليوم بفارغ الصبر
ينتظرون هذا اليوم بفارغ الصبر
فقد كانت خالتهم وعمتهم لاتنساهم
من أصناف الطعام والحلوى التي يحبونها
من أصناف الطعام والحلوى التي يحبونها
والتي كانت تصنعها خصيصاٍ لهم
وتقدمها إليهم في شيءٍ من الدلال المحبب..كلٌ
وتقدمها إليهم في شيءٍ من الدلال المحبب..كلٌ
باسمه الحركي الذي كانت تبدع في اختياره
للتدليل والتمليح..
للتدليل والتمليح..
أما حفلات الشواء التي كانت تجمع الكل حولها ..
فحدّث ولا حرج..
فحدّث ولا حرج..
فهاهي ّضحكاتهم تملأ أرجاء المكان ..
وهاهيّ عمليات خطف قطع اللحم المشوي قد بدأت ..
وهاهيّ عمليات خطف قطع اللحم المشوي قد بدأت ..
ولا تنسى أختها في نهاية اليوم ..وقبل الغروب بقليل ..
أن تعلن عن مسابقتها للجري ..
أن تعلن عن مسابقتها للجري ..
تلك المسابقة التي كانت تختص بها
سيدات العائلة وهي معهم بالطبع
سيدات العائلة وهي معهم بالطبع
ويالها من مسابقة ..فكلهنّ بحكم السن..
لا يستطعن المشي بسهولة ..
لا يستطعن المشي بسهولة ..
فكيف لهن أن يجرين ؟؟؟
ومرت الأيام ..وأصبح زوج أختها في حالة صحية
لا تسمح له بالسفر مسافات طويلة..
لا تسمح له بالسفر مسافات طويلة..
وحرمنا من النوبارية ..وأشياء أخرى كثيرة ...
وتناوبت عليه نوبات القلب ..وإبنه بعيدٌ..بعيد..
والوحيد الذي يرعاهم ..هو سائقهم الخاص ..
الذي أثمرت فيه العشرة ..فكان أحياناً كثيرة
ينام في السيارة أسفل المنزل حتى يكون تحت
امرهم في أي وقت ..
ولكن......هم في حاجة إلى من يرعاهم رعاية كاملة ..
فحتى الأخت بمفردها غير قادرة على رعاية الزوج ..
وكان القرار .......
اصطحبهم الإبن معه إلى أميركا..
كان ذلك منذ سنوات ..
واكتفت الأخت الصغرى بمكالمة كل أسبوع من أختها ..
فقد كان الأمر يستدعي أن يمكثاهناك فترة من الوقت
دون النزول للقاهرة
دون النزول للقاهرة
حتى يتمكنا من الحصول على الكارت الأخضر ..
ثم الجنسية بعد ذلك
ثم الجنسية بعد ذلك
وهذا ماكان إبنهما يسعى إليه
لكي يكفل لهما حق المواطنة..
لكي يكفل لهما حق المواطنة..
وبالتالي يضمن لهما العلاج المجاني ..
فقد كان علاجهما على نفقته يكلفه الكثير ..الكثير
فقد كان علاجهما على نفقته يكلفه الكثير ..الكثير
وفي إحدى المكالمات التي كانت تنتظرها
من إسبوعٍ لإسبوع..
من إسبوعٍ لإسبوع..
لم يأتها صوت أختها ..بل جاءها صوت إبن أختها
ليسّرُ إليها بخبرٍ لم تتوقعه ...!!!
والدته تعاني من ورمٍ خبيثٍ بالرئة ...
ياإلهي ...بالرئة ؟؟؟
وهم البيت الذي كان يضرب به المثل في عدم وجود
أي شخص مدخن فيه ؟؟
بل هو البيت الذي لم تدخله أي نوع من السمن
بل هو البيت الذي لم تدخله أي نوع من السمن
منذ سنين ..وكل الأكل صحي..و..و..
ولكنها إرادة الله ..ولا راد لقضاءه..
وكان القرار السريع ...لابد من السفر لرؤية أختها ...
خاصة ان الطبيب المعالج
-وكعادة الأطباء هناك في مكاشفة المرضى وذويهم -
-وكعادة الأطباء هناك في مكاشفة المرضى وذويهم -
قد أخبرهم أن المرض في مرحلة متأخرة ..
وأنّ أمامها ..حسب تقديرات الأطباء ..
وأنّ أمامها ..حسب تقديرات الأطباء ..
شهرين أو ثلاثة اشهر ..والأعمار أولاً واخيراً
بيد الله سبحانه وتعالى
بيد الله سبحانه وتعالى
وسافرت ...ياإلهي ...!!!
هل هذه أميركا التي يحكون عنها؟؟..
هل هذه أميركا التي يحكون عنها؟؟..
وهل كانت تظن أن تزورها في يومٍ من الأيام؟؟
هي لم تزر في حياتها سوى السعودية ..
هيّ وزوجها -رحمه الله -
هيّ وزوجها -رحمه الله -
للعمل ..ولآداء فريضة الحج ..
أتظنونها بهرت ؟؟؟؟...!!
في الأيام الأولى ربما بهرت بالخضرة والبحيرات
الصناعية ..ومنازل كلها على طرازٍ واحد
الصناعية ..ومنازل كلها على طرازٍ واحد
ولكنها ما أن لبثت ايام حتى أصابها الملل..
فهي من ناحية قلقة جداً على اختها ..
وصعبٌ أن تبث الأمل في نفس إنسان يعلم مسبقاً ماينتظره ...
وعلى قول الأطباء ...لم يتبق لأختها سوى أيام ..
حتى أن صديقة اختها أسّرّت لهاأنهم كانوا يدعون الله أن
تلحقها قبل أن توافيها المنية..
وأكدت لها أنها قد تحسنت بعد أن رأتها
ومضت الأيام بطيئة
وكانت من حين ٍ لآخرتفكر في هذه الحياة ..
الخالية من الدفء..
الخالية من الدفء..
فلا تجمّع على غذاء أو عشاء
والشوارع خالية إلا من سيارة عابرة من حينً لآخر
نعم هناك خضرة وماء ...ولكن اين البشر؟؟؟
والبيوت كلها من الخشب
الذي قد يصاب بالعطن إن مسّه الماء
والمصريون هنا وغيرهم من الجنسيات الأخرى
ممن يحملون الجنسية الأمريكية
يعاملون معاملة مواطن درجة ثانية
فهم دائماً في حالة من الترقب والتأهب لأي
تغيير يحدث..
تغيير يحدث..
أو إستغناء عنهم لسبب أو لآخر ..
مكالماتهم الخارجية مراقبة
مكالماتهم الخارجية مراقبة
وحساباتهم في البنوك مراقبة ..وتحويلاتهم مراقبة ..
و..و...فأين الأمان إذن؟؟؟
وتمر الأيام ..ويقترب موعد سفرها ..
وتأبى أن تمد فترة بقاءها ..
وتأبى أن تمد فترة بقاءها ..
فهي لا تستطيع أن يكون انتظارها..
لشيء ما قادمٌ لا محالة ..
لشيء ما قادمٌ لا محالة ..
ويكفي انها قد رأت أختها في هذه الظروف ..
وهذه الأوضاع التي
وهذه الأوضاع التي
ستتذكرها فيها دائماً وما بقي لها من حياة
وكانت صديقة أختها ترافقها في الأيام الأخيرة
لتشتري
لتشتري
بعض الهدايا لأولادها واحفادها ..
وكان الجو قد بدأ بلا مقدمات في البرودة ..
والثلج..
والثلج..
نعم الثلج بما تعنيه الكلمة ..
وكانت تضطر إلى وضع المعطف ذو الكاب ...
الذي اعطته إياها
الذي اعطته إياها
صديقة أختها وهو من (الووتربروف)وذلك تفادياً
لتلك الأمطار المحملة بالثلوج ..
وجاء موعد السفر ...ورافقها إبن أختها للمطار ..
وأقسمت عليها صديقة أختها أن تأخذ هذا المعطف ..
وارضاءً لها ارتدته فوق ملابسها ...
وغادرت بالسيارة مع إبن أختها..
وغادرت بالسيارة مع إبن أختها..
وبمجرد أن تحركت السيارة ...
خلعت ذلك المعطف ..
خلعت ذلك المعطف ..
فهي أبداً لاتريد لأي شيء يذكرها بهذه الرحلة ..
وهي أبداً لاتحتاج لهذا المعطف بعد الآن ...
فليس الجو هو الجو ...وهي عائدة إلى مصر ...
نعم مصر ..
حيث الدفء ..والشمس ...و.....أحضان العيون
تمتّ